في دبي الرقمية، يتمثل أحد أهدافنا الرئيسية في توفير البيانات على مستوى المدينة للأفراد وجهات القطاع العام حتى نتمكن من تحسين عملية صنع القرار. مشاركة البيانات هي أساس إنشاء مدينة ذكية. منصة "دبي بالس" هي منصتنا الرقمية لجعل البيانات قابلة للتبادل والبحث.

ومع ذلك، فإن المشاركة الفعالة للبيانات تعتمد إلى حد كبير على عملية تغذية منصة "دبي بالس" بالبيانات - أي كيفية طلب البيانات من جهات القطاع العام في دبي وتحميلها إلى المنصة بعد اكتمال اختبارات الجودة.

وفقاً لمجموعة أدوات مشاركة البيانات الخاصة بنا، فإن التحديات التي تواجه مشاريع البيانات تتّسم بكونها ذات طبيعة بشرية وتقنية، كما هو الحال مع منصة "دبي بالس". ففي محاولة بناء صورة شاملة لإمارة دبي عبر البيانات، تم تكليف دبي الرقمية بجمع البيانات من جهات القطاع العام على مستوى الإمارة – وتعتبر عملية التغذية معقدة يجب أن تتعامل مع التناقضات في التعريف والتفاصيل، والتحقق من البيانات لتسديد أي فروقات في الجودة والاكتمال.

وبما أن الخطوة الأولى في عملية جمع البيانات يمكن وصفها بالشخصية كونها تتطلب إجراء اتصالات ومحادثات ومفاوضات، فإن العملية الفعلية لتغذية منصة "دبي بالس" بالبيانات تعتبر تحدياً تقنياً بدرجة كبيرة. 

باتباع المنهجية القديمة في إجراء هذه المهمة، كانت دبي الرقمية تعتمد على تغذية البيانات بالمجموعات، أولاً، يتم إنجاز الاتفاقيات المتعلقة بالبيانات مع الجهات المعنية، بعدها يقوم مزود الخدمة لدينا بمعالجة وتغذية كافة البنود في الاتفاقية مرة كل شهر، مع مراعاة التفصيلات الخاصة بالحقول وغيرها من المعايير على منصة "دبي بالس" حسب الطلب. 

تذكّرنا تلك العملية من عدة نواحٍ بتقنية تسمّى "waterfall model" الكلاسيكية لتطوير النظم، والتي تؤدي من خلالها العديد من الإجراءات المنفصلة إلى النتيجة النهائية. ومن أهم السلبيات التي ترافق ذلك النموذج هو عدم وجود مرونة في سير العمل إلى جانب فترات التسليم الطويلة لعملية تغذية البيانات. فقد يصل الأمر إلى 60 يوماً بدءاً من تجهيز البيانات من قبل الجهة الشريكة وحتى تغذيتها في منصة "دبي بالس". 

ولهذا، أدركنا أن عملية تغذية منصة "دبي بالس" بالبيانات السابقة بحاجة إلى تطوير. وذلك ما قمنا به بالتعاون مع شركائنا في التنمية والاتصالات من أجل إنشاء منصة جديدة بالكامل. منصة التغذية الذكية المطوّرة الخاصة بنا نتيجة لعملية تطوير مكثفة استمرت ستة أشهر، وقد اعتمدت آلية العمل بشكل كبير على GitLab وهي أداة مفتوحة المصدر عبر الإنترنت للتطوير بكل مراحله. كان الهدف من هذه الآلية تحقيق المرونة والسرعة في الوصول إلى السوق خلال عملية التغذية، وكذلك تقليل الوقت المستهلك في تغذية المنصة بالبيانات. 

وهناك مزايا أخرى، فالمنصة الذكية للتغذية ذاتية الخدمة، أي أن فريق دبي الرقمية يمكنه إجراء عملية التغذية من داخل الهيئة، الأمر الذي يخفف عن مزودي الخدمة والشركاء التقنيين عناء التركيز الكبير على التحديات المعقدة في المهام الإجرائية التحضيرية. كما أن دمج المهارات في داخل هيئة دبي الرقمية يعزز من أداء الفريق ويعمل على توحيد الجهود نحو أهداف التعلم والتطوير وبناء رأس المال البشري. 

بالتأكيد لم تكن عملية بناء منصة التغذية الذكية خالية تماماً من التحديات، فقد بدأنا بما نود تحقيقه في البداية من حيث تغذية منصة "دبي بالس" بالبيانات وبدأنا العمل بالاتجاه المعاكس. لقد خضنا في العديد من خصائص البيانات التي كان على النظام أن يتعامل معها وقمنا بإعادة الخطوات مرة تلو الأخرى من أجل استيعاب هذا التنوع في الخصائص. وقد كانت عمليات التحقق التلقائية هي الحل، رغم أنها تضمنت تحديد متطلبات إدخال البيانات مع مراعاة الاختلافات فيها. لقد شكلت عملية أتمتة كل مرحلة من مراحل التحقق تحدياً صعباً لكنها ضرورية جداً لتجنب عملية التحقق اليدوية الشاقة. 

في الوقت الحالي، لا تزال دبي الرقمية تعمل كوسيط في عملية تغذية البيانات. ولا تزال الجهات الحكومية ترسل بياناتها ونقوم بتحميلها باستخدام نظام التغذية الذكي. إلا أن الكثير من التغييرات قد حدثت، بما فيها عملية التحقق التلقائية والتوثيق وغيرها من العمليات التي كانت تتم بشكل يدوي. 

إلا أننا لن نقف عند هذا الحد، فمن خلال أتمتة عملية التغذية عبر نظام ذكي وفعال، بدأنا رحلة من الخدمة الذاتية المتكاملة. ففي النهاية، الهدف هو منح الجهات الشريكة إمكانية الوصول المباشر إلى نظام التغذية الذكي للتحقق من بياناتهم وتحميلها تلقائياً. وذلك يتطلب توفير واجهات مستخدم إضافية فور إثبات النظام لفاعليته وجهوزيته.

إن اعتمادنا لمنصة التغذية الذكية نتج عنه عدد من النقاط المهمة، أولها هو أن نجاح أي مشروع لمشاركة البيانات يعتمد على أجزائه الفرعية، فوجود أي تعقيدات في أي جزئية يسبب إبطاء المحصلة النهائية. ثانياً، التركيز على المتعامل في الخدمات التي تقدمها دبي الرقمية، فنحن لا نريد توفير بيانات أفضل وأسرع للجمهور فحسب، بل نرغب ببناء حلقة تواصل أكثر فعالية مع المتعاملين والجهات الشريكة، وباستخدام نظام التغذية الذكي، يمكننا تغذية مجموعة بيانات خلال 3 أيام فقط بدلاً من 30 يوماً. وأخيراً، أهمية تقديم دراسة حالة حول ما يمكن للأتمتة الذكية أن تقدم من مزايا ملموسة في السرعة والتكلفة والملكية والسماح لفرق البيانات في الجهات المختلفة التركيز على المهمات ذات الطبيعة الأكثر إستراتيجية.