دبي، ** سبتمبر 2021: في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، والتوجيهات الحكيمة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد إمارة دبي ورئيس المجلس التنفيذي قامت حكومة دبي باتخاذ مجموعة من الإجراءات الحاسمة للحد من تفشي جائحة كوفيد19 وبتوفير اللقاحات بشكل واسع وفعال لجميع المقيمين. وصاحب هذه الجهود تشريعات جديدة وتعديلات سبّاقة على قوانين الاستثمار والإقامة في الدولة تعكس الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، الأمر الذي مهد الطريق لاسترجاع الاقتصاد حيويته المعهودة وقدرته الكبيرة على جلب الاستثمار المحلي والأجنبي واستئناف رحلة التنمية والتنويع والنمو الاقتصادي المستدام. وتشير آخر توقعات اقتصادية دبي إلى نمو متوقع سيصل الى 3.1% في هذه السنة، وسيتسارع النمو في 2022 ليسجل 3.4% في ظل استضافة دبي لإكسبو 2020. 

وكثفت اقتصادية دبي من أنشطتها خلال الفترة الماضية وخصوصا في مجال تسهيل إجراءات المعاملات والتراخيص التجارية، وحرصها على مواكبة كل ما هو جديد، لتطوير وتوفير الخدمات والمبادرات ذات القيمة المضافة للمتعاملين، ضمن معايير عالية الجودة، وذلك للوصول إلى الهدف الأساسي وهو تصدر إمارة دبي المدن الرائدة على المستوى العالمي، إضافة إلى ما توليه اقتصادية دبي من أهمية لدعم قطاع الأعمال وتعزيز تنافسية الإمارة عبر التواصل المستمر مع  شركائها في القطاع الخاص والاتفاق مع أطياف المجتمع على اعتماد أفضل الإجراءات والتدابير الاحترازية —الوقائية منها والاستباقية التي تضمن من جهة الصحة العامة ومن جهة أخرى تدعم حسن سير العمل.

وفي هذا الصدد صرح سعادة سامي القمزي مدير عام اقتصادية دبي" تؤكد المؤشرات الاقتصادية المختلفة لإمارة دبي أن الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها وحملات التلقيح الشاملة والحزم التحفيزية والتغييرات التشريعية التي اعتمدتها الدولة وإمارة دبي بدأت تعطي ثمارها من خلال إعادة الثقة لدى المؤسسات الاقتصادية وتعافي الأنشطة الاقتصادية وخاصة تلك التي تضررت بصفة كبيرة بتداعيات الجائحة والقيود الدولية والمحلية التي اتخذت للحد من الآثار الصحية للجائحة مثل أنشطة السياحة والنقل. وبتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ومتابعة من  سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم ولي العهد ورئيس المجلس التنفيذي، استأنفت دبي رحلتها التنموية وفق رؤية استراتيجية شاملة وطموحة تتضمن العديد من المبادرات التحفيزية التي تساهم في تعزيز الطلب المحلي والصادرات وفتح أسواق جديدة، واستقطاب المستثمرين والمواهب."

آفاق التوقعات الاقتصادية 2021 - 2024

لم تكن طاقة الانتاج هي محدد الإنتاج الفعلي في سنة 2020، حيث كان شأن دبي هو شأن الأغلبية من دول العالم إذ أدت الجائحة إلى قيود على العرض والطلب نتجت عن الإجراءات الوقائية والتغيرات المسجلة في سلوك المتعاملين  والمستهلكين مما أدى إلى تراجع ملحوظ في النشاط الاقتصادي لم تستثنى منه دبي رغم الدعم القوي الذي وفرته الحكومة للمنشآت  في كافة القطاعات. 

وقد ذكر القمزي أن حكومة دبي بادرت بإطلاق  خمس حزم تحفيزية متتالية بداية من مارس 2020 وامتداداً إلى  سبتمبر 2021، وشمل هذا التحفيز العديد من مجالات الدعم مثل تجميد رسوم الأسواق وتخفيض الرسوم الجمركية وفواتير المياه والكهرباء وتوفير تسهيلات لدفع رسوم التسجيل التجاري وتأجيل دفع الإيجارات وإلغاء الغرامات وتخفيض رسوم البلدية ورسوم السياحة على الفنادق. وبلغت التكلفة المالية الإجمالية للحزم الخمس 7.1 مليار درهم أي ما يعادل أكثر من 1.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدبي، يأتي هذا الدعم إضافة إلى ما قدمه المصرف المركزي من خلال "خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة" الرامية إلى تخفيف العبء المالي على الشركات وتجنب الإفلاس وكذلك الدعم الذي قدمته الحكومة الإتحادية.

ورغم التطورات الإيجابية في عمليات التلقيح في العالم وخاصة في الدول المتقدمة فإن عدم اليقين لا زال يحول دون التعافي السريع للاقتصاد في العديد من الدول نظرا إلى التطورات السلبية الناتجة عن تحولات الفيروس الجديدة وانعكاس هذه التطورات خاصة على أنشطة الرحلات الجوية وتنقل السياح بين الدول التي ترتبط بالأوضاع والإجراءات المتخذة في دول المصدر والمقصد.

وقد تأثرت دبي بتلك التقلبات شأنها شأن المدن الأخرى مما أدى إلى تراجع ملحوظ في الحركة الاقتصادية وخاصة منها المرتبطة بالنقل والسياحة رغم التعويض الكبير من السياحة الداخلية.

وأكد سعادة سامي القمزي أنه بالرغم من ذلك فإن دبي سجلت تعافٍ أسرع نسبيا لتلك الأنشطة مقارنة بدول العالم وذلك منذ شهر سبتمبر 2020 وإلى حدود شهر يوليو 2021. إضافة إلى ذلك فإنه من المتوقع أن يؤدي أكسبو 2020 إلى انتعاش أنشطة النقل والسياحة وبالتالي في الاقتصاد بصفة عامة. 

واعتماداً على التطورات الإيجابية والسلبية التي قد تحدث خلال الأشهر المتبقية من سنة 2021 وفي السنوات القادمة قامت اقتصادية دبي بإعداد توقعات النمو لتلك الفترة.  فبالنسبة لسنة 2021 يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي ب3.1 بالمائة ،  نظراً إلى التعافي الملحوظ بدايةً من الربع الثاني خاصة في الأنشطة التي سجلت شبه توقف تام في شهري أبريل ومايو من سنة 2020، كما تعتمد تلك التوقعات على انعكاسات فعاليات إكسبو 2020 المنتظرة على الأنشطة الاقتصادية. وكما يبرز الشكل (1) فإنه يتوقع أن تنمو خدمات الإقامة والفنادق بـــ 8.5 بالمائة سنة 2021 مقارنة بعام 2020، والنقل والتخزين والاتصالات بـــ 4.1 بالمائة مما يعكس التعافي التدريجي المتوقع حتى نهاية سنة 2021 في أنشطة السياحة والنقل، ويتوقع أن تسترجع تجارة الجملة والتجزئة جزءاً كبيراً من نشاطها بعد التراجع الكبير الناتج عن أزمة كوفيد-19 لتحقق نمواً بــــ 4.7 بالمائة في 2021، أما نشاط الإنشاء فيتوقع أن يتراجع في 2021 بـــ 2 بالمائة نتيجة شبه استقرار في مستوى البناء السكني والمكاتب والفنادق وتراجعاً نسبياً في البناء المتعلق بالبنية التحتية بعد النمو السريع الذي مرت به في السنوات قبل 2020. 

وأشار القمزي أنه من المتوقع أن يتسارع النمو في السنوات 2022-2024 مدفوعا باستمرار تعافي الأنشطة التي كانت أكثر تضرراً بتداعيات كوفيد-19 كالسياحة والنقل الدولي والتي ستستفيد أيضاً من فعاليات إكسبو 2020 في الأشهر الأولى من سنة 2022 إذ تشير التوقعات (الشكل-2) إلى أن يرتفع معدل النمو الإجمالي إلى  3.4 بالمائة في 2022 ثم إلى 4.2 بالمائة في 2023 قبل أن يتراجع نسبيا إلى 3.9 بالمائة في 2024 بعد ما تسترجع القطاعات الأكثر تضرراً بالأزمة العالمية مستوى نشاطها المسجل قبل الأزمة.  

اقتصاد دبي ينمو بنسبة 1% في الربع الأول من 2021 مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي

الأمر الذي يبين بداية مرحلة التعافي والمتوقع أن يرتفع أكثر خلال المرحلة القادمة

أظهر تقرير الأداء الاقتصادي الصادر عن مركز دبي للإحصاء أن اقتصاد إمارة دبي حقق نمواً وصل إلى 1% خلال الربع الأول من العام الحالي 2021 مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، وذلك استناداً إلى التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدّل موسمياً.

يأتي هذا النمو مدفوعاً بأداء متميز في قطاع الصناعات التحويلية، وتحسن في الأنشطة السياحية وأنشطة النقل والتخزين إضافةً إلى النمو الملحوظ في أداء القطاع المالي لنفس الفترة.

قال سعادة عارف المهيري المدير التنفيذي لمركز دبي للإحصاء: "إن هذه الأرقام تدل على التطور الإيجابي وتظهر التعافي السريع لاقتصاد إمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة مقارنة بعام 2020 الذي شهد تراجعات اقتصادية كبيرة على مستوى العالم مدفوعة بالتراجع في قطاعات السياحة والنقل وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، وتلك نتيجة طبيعية لانعكاسات جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي." 

وأوضح المهيري أن اقتصاد دبي قد تراجع في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بنفس الربع من عام 2020 بمعدل 3.7%، ويدل هذا التراجع على التطور الإيجابي من حيث انخفاض حجم التراجع مقارنة بالأداء المتحقق خلال العام 2020 والذي تراجع بنسبة 10.9% مقارنة بالعام 2019.

وأشار المهيري أن اقتصاد دبي نجح في تحقيق نشاط ملحوظ في عدة أنشطة اقتصادية خصوصاً تلك التي تشكل أهمية استراتيجية عالية مثل قطاع التجارة الذي حقق نمواً بنسبة 2.8% في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020 مساهماً في مجمل الأداء الاقتصادي بنسبة 24.3%، الأمر الذي ساهم بشكل ملحوظ من تخفيف آثار جائحة كوفيد-19 على الأداء الاقتصادي. وتشير بيانات تجارة دبي الخارجية الصادرة عن جمارك دبي إلى نمو التجارة الخارجية غير النفطية في الربع الأول من عام 2021 بنسبة 10%، لتصل قيمتها إلى 354.4 مليار درهم، مقابل 323 مليار درهم في الربع الأول من عام 2020، هذا وقد حققت الصادرات نمواً قوياً بلغت نسبته 25%، لتصل قيمتها إلى 50.5 مليار درهم، وارتفعت قيمة الواردات بنسبة 9%، لتصل إلى 204.8 مليارات درهم، فيما ارتفعت قيمة إعادة التصدير بنسبة 5.5%، لتصل إلى 99 مليار درهم.

 كما وحققت الأنشطة المالية والتأمين نمواً بنسبة 3.5% خلال الربع الأول من عام 2021 مقارنة بنفس الربع من 2020 وارتفعت نسبة مساهمتها لتصل إلى 12.8% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وهي أيضاً من القطاعات التي أسهمت في تخفيف انعكاسات آثار جائحة كوفيد-19 على الأداء الاقتصادي، وجاء هذا النمو نتيجة لنمو إجمالي الودائع والقروض خلال الربع الأول من 2021، حيث نمت القروض بنسبة 2.6% كما ونمت أرصدة الودائع بنسبة بلغت 3.3%، فيما تراجعت أسعار الفوائد على القروض بنسبة 24% وعلى الودائع بنسبة 35%.

كما شهدت أنشطة الصناعات التحويلية نمواً بنسبة 3.2%، وارتفعت نسبة مساهمتها في مجمل الأداء الاقتصادي إلى 9.5%، وبذلك كانت أحد الأنشطة التي أسهمت في تخفيف وطأة انعكاسات تراجع الاقتصاد العالمي على اقتصاد الإمارة، حيث ساهم كلاً من أنشطة صنع المنتجات الغذائية، وصناعة المنتجات الصيدلانية، وصناعة المنتجات المطاطية واللدائن، وصناعة الفلزات القاعدية، في دفع قطاع الصناعة التحويلية نحو هذا النمو الإيجابي. 

وحققت أيضاً الأنشطة العقارية نمواً  بنسبة 2.4% خلال الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالربع الأول من 2020مساهمة بذلك بنسبة 8.7% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وبذلك مثلت أحد الأنشطة الداعمة لمواجهة آثار التراجع الاقتصادي العالمي وانعكاساته على اقتصاد الإمارة، وتكشف بيانات دائرة الأراضي والأملاك بأن قطاع العقارات في دبي سجّل نمواً قوياً في معاملات المبيعات في الربع الأول من عام 2021، مقارنةً بالفترة نفسها من عامَي 2020 و 2019 قبل تفشّي الوباء، مما يدل على المرونة العالية للقطاع العقاري وقدرته على الاستجابة للمستجدات الاقتصادية وحجم الطلب الذي تحظى به العقارات في دبي. 

ويظهر تقرير مركز دبي للإحصاء أن أنشطة خدمات الإقامة والطعام وأنشطة النقل والتخزين من أكثر الأنشطة الاقتصادية المتأثرة بتداعيات جائحة كوفيد-19 خلال الربع الأول من عام 2021، إذ تراجع النشاطين بنسبة 25.6% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020، ويعتبر هذا التراجع طبيعياً في ظل الظروف الاقتصادية العالمية حيث أن إغلاق معظم دول العالم لمعابرها الجوية والبرية والبحرية أمام حركة المسافرين والقيام بإجراءات احترازية أدت إلى الحد من حركة الزوار الدوليين مما كان له تداعيات سلبية كبيرة على الحركة السياحية على مستوى العالم، ونتيجة للدور المحوري الذي تضطلع به إمارة دبي لخدمة التبادل التجاري بين المنطقة والعالم، وكممر للعديد من رحلات الأفراد عبر مطارات دبي فإنه من البديهي أن يتأثر اقتصاد الإمارة بالظروف العالمية، ولكن مكنت المرونة والإمكانات المتقدمة التي يتمتع بها اقتصاد الإمارة والمنظومة الإدارية الاستراتيجية في الإمارة من الاستجابة السريعة وبأعلى مستويات الأداء في التعامل الأمثل مع هذه الأزمة العالمية وتقليل أثر الجائحة إلى أدنى المستويات مقارنة بالعديد من الاقتصاديات الاقليمية والعالمية.