مع صدور قانون بيانات دبي في العام 2015 أصبحت دبي أول مدن العالم تخوض تجربة مشاركة البيانات بين الجهات الحكومية وفق نص قانوني. وكانت هذه بداية الطريق نحو تحضير الجهات لمشاركة بياناتها ومساعدتها في بناء الإمكانات لتلك الغاية. 

 

ومع ذلك، فإن مشاركة البيانات لا تكفي وحدها حيث إن جودة البيانات هي الأساس. ومن أجل تحقيق أهداف دبي الرقمية، يجب أن يتوفر لدى مستخدمي البيانات الثقة بأن البيانات التي يستخدمونها تلبي المتطلبات ومواكبة للتحديثات وخاضعة للتعديلات طوال الوقت. 

 

حيث تحفز البيانات ذات الجودة الجيدة باستمرار الاستثمار في التطبيقات ولوحات المعلومات والطرق الجديدة لتوظيف هذه البيانات.  ومن جهة أخرى، فإن أي شك في الاحتفاظ بمجموعة بيانات أو التوقف عن النشر من شأنه أن يعيق هذا الاستثمار ولن يكون هناك فائدة من بناء بنية تحتية حول مصدر بيانات غير موثوق به.

 

فماذا تعني جودة البيانات؟ الخبر السار هو أنه ليس مفهومًا معقدًا أو مجردًا. حيث يمكن تحديد أبعاد رئيسة يمكن تسجيلها بشكل موضوعي وكمي. ولدعم جودة البيانات، أنشأت مؤسسة بيانات دبي (جهة ملحقة بدبي الرقمية) دليل جودة البيانات كجزء من منظومتها الشاملة للسياسات والمعايير لمساعدة الشركاء على الالتزام بروح قانون بيانات دبي.

 

يصنف دليل الجودة الخاص بنا البيانات في 12 محوراً تتنوع بين التصميم والجدول الزمني للنشر والمنشأ ودقة التوقيت والاكتمال والصحة. ويكفي القول بأن البيانات يجب أن تُنشر في نماذج آلية مفتوحة قابلة للقراءة. وعليها أن تخضع للنشر بوضوح وفق جدول محدّث باستمرار. كما يجب أن تحتوي مجموعات البيانات على بيانات وصفية ذات طبيعة سياقية. تتمتع البيانات المحدثة بشكل آني بقيمة أعلى وكذلك البيانات الأكثر دقة. 

 

بالنسبة لنا وللجهات الشريكة فإن الطريق نحو بيانات ذات جودة أعلى يحتاج إلى التركيز على الصورة الأكبر. فجودة البيانات ليست فقط مسؤولية المؤسسة التي تنشرها فحسب، بل تتطلب تعزيز سلسلة القيمة بأكملها، من مرحلة الجمع وحتى الاستخدام. وبناء على ذلك، فإن جودة البيانات الحقيقية لا تكمن في البيانات فقط بل أيضاً في إدارتها والإجراءات والمسؤوليات المرتبطة بها. 

 

كما يستدعي تحقيق جودة البيانات تغييراً في نهج التفكير، فعلى الجهات الحكومية أن تتوقف عن اعتبار نفسها مصدراً منتجاً للبيانات فقط، بل يجب أن تنشر البيانات للعامة كذلك، بالتركيز على المتعاملين الحاصلين على خدماتها. 

تم تسليط الضوء على هذه العناصر إلى حد كبير عندما بدأنا العمل على سجلاتنا وهي مجموعات بيانات منظمة وعالية الجودة تم التحقق منها ومعترف بها قانونًا كمرجع بموجب قانون بيانات دبي. 

 

إن بناء شبكة من سجلات البيانات الدقيقة والموثوقة والمترابطة يعني أن الجهات الناشرة يجب أن يتم تحديثها بسرعة، وقد أدى ذلك إلى قيام دبي الرقمية بإنشاء وتفعيل إطار عمل جودة البيانات بشكل سريع. لقد اعتمدنا كثيراً على دليل جودة البيانات، مع التركيز على العناصر الأكثر أهمية لجودة البيانات لتصنيع إطار عمل يمكن نشره وتوظيفه بسهولة.

 

ثم أخذنا هذا الإطار ووضعناه قيد التنفيذ. قمنا بإجراء سلسلة من ورش العمل والتقييمات لتحليل الأعمال مع الجهات الشريكة لنا وذلك بهدف تحديد جودة البيانات بوضوح معًا، بعد ذلك استخدمنا آلية الاقتراع المفتوح لمجموعة البيانات لقياس جودة البيانات الحالية. ومن هناك، ننتقل إلى تخطيط الإجراءات العلاجية وتشمل فهم العقبات التي قد تضعف جودة البيانات ومساعدة الجهات الشريكة على معالجتها. كان التواصل المفتوح أمرًا أساسيًا وكذلك فهم الثقافة التنظيمية. وفرنا الدعم في عملية التنفيذ وساعدنا الجهات على اتخاذ إجراءات من شأنها أن تحدث فرقًا ملحوظًا في جودة البيانات. 

 

لقد وفرنا برنامجنا لجودة البيانات لأكثر من 40 جهة بينما كنا نعمل على سجلات الموارد البشرية للقطاع الحكومي. وخلال تلك الفترة، تمكّنا من تعزيز جودة البيانات التي تم تحصيلها ورفعها من 70% إلى 98%. 

والآن نحن مستعدون للخطوة التالية، أولاً، نحن بصدد تقديم برنامج جودة البيانات إلى جميع الجهات المساهمة في سجل الموارد البشرية، أي حوالي 100 جهة. 

بعد ذلك، سنقوم بمطابقة معايير برنامج جودة البيانات على جميع مجموعات البيانات المتوفرة على منصة "دبي بالس" وليس فقط في السجلات. فنحن نسعى للوصول إلى مرحلة يطبّق فيها برنامجنا لجودة البيانات على جميع عملياتنا، بدءاً بمخازن البيانات، مروراً بوسائط الإمداد وحتى التغذية. وفي نهاية الأمر، ستصبح البيانات منسجمة مع معايير البرنامج من أجل مراعاتها حتى في عمليات التغذية. 

من خلال العمل مع الجهات على بناء الجودة في سلسلة القيمة من البداية، يمكننا وضع أساس متين لبيانات عالية الجودة وذات قيمة لدبي كمدينة ذكية تسعى لريادة العالم كوجهة للعيش والعمل.