تعمل دبي الرقمية على تسريع التحول الرقمي لمدينة دبي إلى جانب تعزيز اقتصادها الرقمي. يتمثل جانب أساسي من هذه المهمة في بناء البنية التحتية للبيانات في المدينة وخلق فرص للتبادل النشط للبيانات القيمة. علماً بأن تبادل البيانات بين جهات القطاع الحكومي يخضع لقانون بيانات دبي، وبالتالي فإن أحد العناصر الأساسية لأنشطة دبي الرقمية هو تشجيع الامتثال لقانون بيانات دبي.

ماذا نعني بالامتثال؟ أولاً، أن تمتثل الجهات الحكومية المساهمة في البيانات على منصة "دبي بالس" لقانون بيانات دبي. وهو القانون الذي جعل دبي في عام 2015 أول مدينة في العالم تنظم مشاركة واستخدام البيانات وخلق قيمة منها. 

التعريف الثاني للامتثال هو التوافق مع متطلبات حوكمة البيانات. وتماشياً مع قانون بيانات دبي، وضع فريق دبي الرقمية مجموعة من المتطلبات المتعلقة بجرد وتصنيف ونشر وتبادل البيانات واستخدامها. تهدف تلك المتطلبات إلى تقديم الدعم والتمكين، بحيث تساعد الجهات في استخراج أكبر قيمة ممكنة من خلال مشاركة بياناتهم، مع حماية خصوصية البيانات في الوقت ذاته. وتحتوي تلك السياسات على عدد من المعايير والتوجيهات التي تساعد الجهات في ضمان التزامها بقانون بيانات دبي، وهذه السياسات بمجملها تغطي معظم عناصر استخدام البيانات وحوكمتها ومشاركتها. 

حين بدأنا بعملية قياس امتثال الجهات الحكومية لقانون بيانات دبي في 2017، وجدنا أن نسبة الامتثال الكلية لا تزيد على 26%، أما اليوم فقد بلغت النسبة 97%، ونطمح أن تصل النسبة إلى 100% بحلول نهاية العام 2021. 

إن تحقيق هذه القفزة الكبيرة في الامتثال لم يكن بالأمر السهل. فقد بدأت الجهات الحكومية بعمليات الامتثال من نقاط بداية متفاوتة، فالثقافة السائدة والجاهزية تختلف بين كل مؤسسة وغيرها. فبعض الجهات كانت تجربتها جديدة كلياً في مجال البيانات، كما أن بعضها لم يمتلك إدارات متخصصة لإدارة البيانات. 

كان لبرنامج أبطال البيانات داخل الجهات الشريكة لنا دورًا أساسيًا في التغلب على التحديات والوصول إلى هذه النسبة للامتثال البيانات. أبطال البيانات لدينا هم أصحاب التأثير ذو القيمة حيث انهم يقودون تطبيق مبادرات دبي الرقمية في مجال البيانات داخل مؤسساتهم ويمثلون جهاتهم الحكومية في جميع الأمور المتعلقة بالبيانات، بدءًا من مخزون البيانات وإدارة البيانات إلى تعزيز الامتثال التنظيمي لإطار عمل بيانات دبي، ويتم تزويد هؤلاء الأبطال بالتدريب على الامتثال ورفع المهارات من خلال البرامج التي يتم استضافتها بالشراكة مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، ونحن نتعاون حاليًا مع حوالي 330 من أبطال البيانات عبر 45 جهةً على الأقل ونتطلع دائمًا إلى الإضافة إلى المجموعة.

اننا ندعم بشكل فعال الجهات الحكومية في بناء القدرات والخبرة في إدارة البيانات. أطلقنا في عام 2019 تحدي بيانات المدينة بعنوان "البيانات أولاً"، كان التحدي مفتوحًا لحكومة دبي والشركاء شبه الحكوميين، وتم   تصميم التحدي لتسريع إنشاء ومشاركة البيانات المفتوحة، حيث تم تقييم الامتثال لقانون البيانات في دبي وتعزيز الثقافة القائمة على البيانات في الجهات الشريكة. وتتبع التحدي - الذي امتد على 6 أشهر- تقييم تقدم المشاركين خلال تلك الفترة، مع جدول مستمر من ورش العمل لتعزيز التعلم ورفع الأداء. كانت مبادرة "البيانات أولاً" وسيلة مهمة لتحسين امتثال البيانات بشكل كبير وتعزيز جاهزية بيانات القطاع الحكومي.

الامتثال ليس مهماً فقط لدبي الرقمية، فهو يعد محركاً أساسياً في خطط دبي للمدينة الذكية. حيث يتم رفع نتائج الامتثال بالأرقام إلى برنامج دبي للتميز الحكومي والمجلس التنفيذي – دبي.  

نحن في دبي الرقمية نفتخر برحلة الامتثال التي مر بها شركاؤنا من الجهات الحكومية، والتي سجلت تحسّناً ملحوظاً عاماً تلو العام. واليوم ننقل تركيزنا من الامتثال إلى التطوير الاستباقي. ويجري العمل الآن على إنشاء ونشر مؤشر نضج البيانات، الذي سيساعدنا في تقييم قدرات البيانات في الجهات الحكومية بدبي والسماح لها بتتبع ومقارنة آليات العمل والتطور في مجال البيانات. 

مع وضع أسس الامتثال المنصوص عليها، نحن نتطلع إلى تحسينات المستوى التالي المتعلقة بقدرات البيانات وجودة البيانات وتحليل البيانات واتخاذ القرار واستيفاء طلبات البيانات وغيرها.

لقد قطعنا شوطًا طويلاً فيما يتعلق بالامتثال منذ إطلاق "دبي الذكية" منذ عام 2016، التي أصبحت الآن جزءًا من دبي الرقمية، ولكن هذه مجرد بداية لرحلة التميز في البيانات.