تكمن القيمة الحقيقية للبيانات في إمكانية مشاركتها، فحين تتمكن جهات القطاع الحكومي من مشاركة البيانات بشكل آمن، يمكن حينها وضع أسس المدن الذكية، وتطوير الخدمات الحكومية بشكل كبير. 

السعي العالمي نحو تقديمخدمات أفضل هو المحرك الأساسي لاستخدام تحليل البيانات في مواجهة التحديات والمعوقات وإيجاد الحلول الفعالة لها. وعلى الرغم من التطور الحالي، إلا أن العديد من مصادر البيانات التي يمكنها حل المشكلات وتطوير الخدمات الحكومية لا تزال مغلقة وغير متاحة. ومن العوامل التي تحد من مشاركة البيانات القضايا التعريفية وغياب أطر العمل الواضحة، يضاف إلى ذلك عوامل تتعلق بمخاطر مشاركة البيانات الحساسة ومخاوف من الإضرار بالسمعة ونقص المهارة المختصة والمحفزات غير الواضحة، وجميعها  تحبط مشاريع التعاون المثمر في مجال البيانات. 

وبهدف الاستجابة المباشرة لتلك المعوّقات، قمنا في مؤسسة بيانات دبي بإنشاء مجموعة أدوات تبادل البيانات ، لتكون بمثابة إطار عمل لبناء الثقة وتعزيز فرص التعاون في مشاركة البيانات بفعالية. تم تصميم هذه الأداة لتطوير نظام بيئي يمكن من خلاله مشاركة البيانات بأمان وبأكبر قدر من الاستفادة. 

وفي العام 2019 قمنا بالتشارك مع "نيستا" في البحث عن آليات فعالة لكشف إمكانية مشاركة البيانات، وكمؤسسة مبدعة تسعى للعمل المشترك من أجل إيجاد الأفكار المبتكرة وتناول التحديات المجتمعية، كانت "نيستا" الشريك المثالي لرسم خطة مشاركة البيانات بفعالية. 

لقد قمنا بعقد ورش عمل شملت مشاركين من القطاع الحكومي والخاص، وعرضنا نتائج عملنا على خبراء في دبي ولندن لاختبار النسخ الأولية من الأداة. كما قمنا بتحليل  مجموعة من النماذج لتبادل البيانات لفهم العوامل الأساسية المشتركة بينها جميعًا.، وقد  أدى بحثنا إلى عدة مبادئ ذات أهمية في إنشاء هذه الأداة. الأول هو أن تحديد حالات الاستخدام أو المشكلات المرغوب بحلّها خطوة أساسية في عقد اتفاقيا مشاركة البيانات بنجاح. المبدأ الثاني هو أن حوكمة البيانات يجب أن تتم في 3 مستويات هي الحوكمة الشاملة، والبنية التحتية للبيانات، ومن ثم حقوق الاستخدام. كما يؤثر حجم ومدة المشروع  على التصميم المبدئي لمبادرات مشاركة البيانات. ولا بد من ضمان  توافق اتفاقيات مشاركة البيانات مع المسائل الأخلاقية المتعلقة بالخصوصية والحيادية. وأخيراً يجب أن تتضمن مبادرات مشاركة البيانات مجموعة من الشراكات من عدة أطراف وليس فقطالجهات التي  بحوزتها البيانات المفيدة.

تتناول مجموعة أدوات تبادل البيانات هذه المسائل في جزئيتين أساسيتين، الأولى هي مصفوفة اتخاذ القرار، وتتألف من ستة نقاط قرار أساسية تقود النقاشات حول جميع العوامل الرئيسية لتنظيم عملية تبادل البيانات. وهنا نأخذ في الاعتبار هذه الأسئلة:  ما الحاجة لتبادل البيانات؟ ما هي البيانات التي يجب مشاركتها؟ من  الأطراف التي ينبغي إشراكهم؟ ما  هو إطار حوكمة الشراكة وما هي البنية التحتية المناسبة للبيانات؟ وأخيراً كيف يمكن الوصول إلى البيانات؟ 

"لماذا" هي نقطة البداية لأي مشروع.. حيث أن مشاركة البيانات تكون إما لحل مشكلة ما أو من لخلق فرصة معينة. وتأتي بعدها عملية اكتشاف رؤى جديدة كما هو الحال في تجربة "تبادل بيانات أمستردام" التي تهدف إلى منح السوق إمكانية الوصول إلى البيانات كي تصبح متاحة للباحثين وأصحاب الأعمال والحكومات والأفراد، فيمكنهم فتح المجال للابتكار وتحديد مصادر جديدة للقيمة مثل مبادرة العمل المصرفي المفتوح من هيئة سوق المال بالمملكة المتحدة التي تسمح للمزودين المعتمدين بالحصول على معلومات تخص عمليات المتعاملين عبر واجهات برمجة التطبيقات (APIs).كما إن مشاريع التعاون في مجال البيانات تساهم في تسريع عملية اتخاذ القرار، كما هو الحال في تجربة غوغل وايز، التي تزود المؤسسات الحكومية ببيانات المرور مجهولة المصدر  لدعم عملية تطوير السياسات أو توفير الدعم المروري. كما أن هذه المشاريع تساهم في زيادة قدرات التنبؤ، كما هو الحال في تجربة "فلومايندر" التي تستخدم بيانات مخفية الهوية من مشغّلي الهاتف المتحرك لتتبع النزوح السكاني نتيجة لزلزال هاييتي عام 2010. 

ما هي البيانات المطلوب مشاركتها سؤال مهم جداً كذلك. حيث أن الأداة التي طورناها تتطلب من أطراف المشروع إجراء نقاشات مفتوحة وصريحة حول طبيعة البيانات التي ستساعد في حل المشكلة قيد النقاش، فهل هذه البيانات مفتوحة أم مغلقة، وما هي الاعتبارات الأخلاقية والمخاطر المحتملة التي قد تنتج عن مشاركة هذه البيانات. أما بالنسبة لسؤال ما هي  الأطراف المعنية، فذلك سؤال أساسي لنجاح المشروع. من هم المساهمين في المشروع؟ هل هم مؤسسات دولية مثل هيئة الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي؟ أم هم مؤسسات القطاع العام على المستوى القومي أو الإقليمي أو المحلي؟ أم هل هم أطراف تجارية  دولية أم أصحاب شركات محلية؟ هل يتضمن المشروع الأفراد أو منظمات من طرف ثالث مثل الجامعات والمنظمات غير الربحية؟ 

هذا الجزء من الأداة ينظر أيضاً في هيكلية الحوكمة الكلية للمشروع، فهل هي أفقية من قبل منظمة أو هيئة، أم هي مبادرة متعددة المراكز من قبل عدة مشاركين يتقاسمون المسؤوليات فيما بينهم. كما توضح الأداة خيارات البنية التحتية لحفظ البيانات التي تسمح بتبادل هذه البيانات بين المشاركين، كما تساعد في تحديد الشكل الأنسب لاستخدام البيانات بما ينسجم مع غايات المبادرة.  

تنتقل الأداة بعد ذلك إلى جزئية ثانية، وهي أسس المشروع، المبدأ الأساسي هنا هو أن مبادرات مشاركة البيانات تنجح فقط إذا ما كانت الأطراف المعنية ملتزمة ومساهمة بفعالية، حيث أن قنوات التواصل الواضحة والمفتوحة وعلاقات العمل الفعالة تعتبر عوامل في غاية الأهمية. 

يتناول قسم أسس المشروع للأداة تنظيم علاقات العمل المثمرة. ويشمل القسم قائمة من الاتفاقيات عالية المستوى، وكيفية تحفيز الأطراف للعمل معاً، ويناقش أيضاً الالتزامات المطلوبة من كل المشاركين. ومن ثم نتوجه إلى نقاش الجوانب القانونية والتقنية والتمويلية لمشروع مشاركة البيانات. يهدف هذا الجزء إلى إزالة أي عوائق أمام المشاركة الفعالة للبيانات مع طرح نهج شامل يحظى فيه الأفراد والهيكليات التنظيمية بنفس أهمية الجوانب التقنية.  

لذلك، نحث الجهات الأخرى على قراءة هذا المقال لمعرفة كيف يمكن لهذه الأداة أن تساعد في تشكيل مبادرات مشاركة البيانات. فنحن في مؤسسة بيانات دبي نتعاون دائماً لتطوير مثل تلك الأفكار. ويمكننا أيضاً المساعدة في حالات الاستخدام والحوكمة ونماذج الشراكة وحتى في البنية التحتية التقنية لمشاركة البيانات. ويسعدنا أن نرى أداة مشاركة البيانات تستخدَم بشكل واسع النطاق من أجل تحفيز العمل المشترك في مشاريع مشاركة البيانات التي لها أثر إيجابي في تطوير الخدمات وجودة الحياة. 

للوصول إلى أداة مشاركة البيانات، يرجى الضغط هنا