أعلنت هيئة دبي الرقمية ومؤسسة دبي للمستقبل اليوم عن إصدار النسخة الأولى من تقرير حالة الذكاء الاصطناعي في دبي وهو تقرير استراتيجي يسلّط الضوء على وتيرة التوسع المتسارعة في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن عمليات حكومة دبي. يتزامن إطلاق هذا التقرير مع الإعلان الرسمي عن سياسة الذكاء الاصطناعي للجهات الحكومية التي طورتها دبي الرقمية وأطلقتها خلال مشاركتها في أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي عبر جناح مخصص لها.

تُقدّم هذه النسخة من التقرير رؤية متكاملة حول الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الخدمات العامة في دبي. وقد تم تطوير التقرير من خلال تقييم أكثر من 100 حالة استخدام عالية التأثير والعائد في مجال الذكاء الاصطناعي. وبينما تم تنفيذ عدد من تلك المشاريع على أرض الواقع، فإن البعض منها لا يزال قيد التطوير. ويشمل ذلك قطاعات استراتيجية من بينها التخطيط الحضري، الرعاية الصحية، التمويل، التنقل، المشتريات، التوظيف، الالتزام، واتخاذ القرار الاستراتيجي. ورغم أن التقرير يستعرض مجموعة مختارة ومحدودة من هذه الحالات، إلا أن النتائج الشاملة تعكس عمق نضج التحول القائم على الذكاء الاصطناعي في دبي، وتعزّز مكانتها العالمية في تبني تطبيقاته على المستوى الحكومي.

أما سياسة الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها دبي الرقمية بالتزامن مع التقرير، فتُمثل خلاصات مباشرة للالتزامات التي أعلنت عنها الحكومة خلال خلوة الذكاء الاصطناعي في "أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي 2024"، حيث تعهّدت بتطوير إطار موحّد يُنظّم تطبيق الذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية، بما يضمن الالتزام بالمعايير الأخلاقية، وقابلية التطور، والشفافية. وتُجسد هذه السياسة ذلك الإطار المرجعي، مرتكزة على مبادئ الشفافية، والتشغيل البيني، ومحورية الإنسان، والحوكمة الاستباقية، لتُرسخ بذلك مكانة دبي كمثال يُحتذى به إقليمياً في اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.

وقد أشاد معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، بهذه المبادرة قائلاً: "تواصل دبي، من خلال نهجها الريادي، وضع معايير جديدة بمستوياتٍ عالمية لدمج الذكاء الاصطناعي بأسلوب أخلاقي وفعّال. وانطلاقاً من رؤية واضحة تتمحور حول الإنسان، تعمل الإمارة على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، بما يعزز مكانتها كوجهة عالمية للابتكار المسؤول ونموذج رائد لحوكمة المستقبل."

 

بدوره صرّح سعادة حمد عبيد المنصوري، مدير عام هيئة دبي الرقمية، قائلاً:
"الذكاء الاصطناعي اليوم لم يعد جزءاً من تصوّرات المستقبل— وإنما واقع حقيقي ذو تأثير قوي في كل مجالات الحياة ولا سيما في عمليات اتخاذ القرار. لقد أحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية كبرى في توفير الخدمات الاستباقية، والشخصية، والتنبؤية. ومن خلال هذا التقرير والسياسة المصاحبة له، نُرسّخ نموذجاً مؤسسياً للذكاء الاصطناعي يُركز على الإنسان، ويجمع بين الكفاءة والجاهزية لمتطلبات المستقبل."

من جانبه قال سعادة خلفان بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل:
"الذكاء الاصطناعي يعيد صياغة دور الحكومة—فهو لا يقتصر على تعزيز كفاءة تقديم الخدمات، بل يمتد ليشمل الاستشراف، والابتكار، وترسيخ مكانة دبي في الريادة العالمية. ويُجسد هذا التقرير ملامح هذا التحول، ويُبرز جاهزية دبي لتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي وضمان استدامتها عبر مختلف القطاعات. كما يرسّخ مكانة دبي كمركز رائد عالمياً في تبنّي الذكاء الاصطناعي المسؤول والمواكب لمتطلبات المستقبل."

 تقرير حالة الذكاء الاصطناعي في دبي هو الأول في سلسلة من الإصدارات الاستراتيجية، وهو يقدم نظرة معمقة حول كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي اليوم—بدءاً من الرعاية الصحية التنبؤية، والتوائم الرقمية للتنقل الحضري، إلى الترخيص التجاري المؤتمت، وكشف الاحتيال، ومنصات المشتريات والتدقيق المدعومة بالذكاء الاصطناعي. حيث أصبح العديد من هذه الحالات قيد التنفيذ وتحقق نتائج قابلة للقياس. وتشير التقديرات الداخلية والنماذج الاقتصادية إلى أنه بحلول عام 2030، قد تُسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بأثر اقتصادي يبلغ 235 مليار درهم إماراتي، مما يعزز مكانة الإمارة كمحرّك رئيسي في التحول الاقتصادي الذكي في دولة الإمارات، ويدعم الهدف الوطني المتمثل في مساهمة الذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى ما يقارب 14% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد.

كما يُبرز التقرير دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة الحياة الاجتماعية، من خلال تمكين الكشف المبكر عن الأمراض، وتحسين خدمات الطوارئ، وتقديم تجارب مخصصة، وتمكين التخطيط الاستباقي للصحة العامة. وبذلك، يتمتع السكان بخدمات أسرع، ومستويات أمان أعلى، ووصول أفضل إلى الخدمات الحكومية الأساسية—ما يدعم هدف دبي الاستراتيجي في أن تصبح المدينة الرقمية الأكثر تركيزاً على الإنسان في العالم.

وتستعرض دبي الرقمية، من خلال مشاركتها في أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي، مجموعة من العروض التفاعلية التي تُجسّد كيفية توظيف الجهات الحكومية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات عامة أكثر سرعة، ذكاءً، وموثوقية. وتشمل هذه العروض منصات توظيف ذكية، وأدوات متقدمة للتخطيط الاستراتيجي، ونماذج ديناميكية لتحسين استخدام الموارد—وذلك ضمن إطار مصمم للتوسع بما يتماشى مع أجندة دبي للتحول الرقمي الشامل.

ويُختتم التقرير بمقترحات طموحة ترسم ملامح رؤية دبي لمستقبل الذكاء الاصطناعي حتى عام 2035، وتشمل هذه الرؤية: خدمات حكومية تنبؤية على مستوى المدينة، وحوكمة رشيقة بمعاييـــر عالميـــة للذكاء الاصطناعي، و استخدام البيانـــــات كمحــرك للتنافسيـــة، وضمـــان تلبيــــة الاحتياجــــــات المستقـبلــيـــــــة للحوسبـــــة الفائقة بأسعار تنافسية، وبنية تحتية تراعي الأثر الكربوني، ومنظومة متكاملة للبحث والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، تقوم على الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، والتعاون الدولي المستدام.

ومع استمرار التقدّم في مسيرة دبي الرقمية، يُمثّل كل من تقرير حالة الذكاء الاصطناعي والسياسة المصاحبة له محطة مفصلية تسهم في الانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ المنهجي، القابل للقياس، والمرتكز على مبادئ المسؤولية.